تقارير

خاص قورينا.. وجنت على نفسها “براقش”.. زلزال عدوان أوديسا على ليبيا 2011 .. المتوسط يجعل من الهجرة غير الشرعية جحيمًا لأوروبا

 

لم يكن تأثير عدوان زلزال أوديسا عام 2011، قاصرًا على دمار هائل في ليبيا لا تزال تداعياته قائمة حتى اللحظة. ولا تفتيت دولة وطنية قوية، هى ليبيا وتحويلها إلى ميليشيات متناحرة، ولكن كان للعدوان آثاره المباشرة على أوروبا.
فقد اكتوت أوروبا بنيران، زلزال عدوان أوديسا، بعدما انفتحت “أبواب الجحيم” عليها عبر موجات هائلة من الهجرة غير الشرعية، عبر السواحل الليبية الطويلة الممتدة على المتوسط.

ويرى خبراء اقتصاد، أن المؤامرة الدنيئة التي قادها ساركوزي وحلف الناتو على ليبيا، لإزاحة النظام الجماهيري القوي، قد دفعت أوروبا ثمنها مباشرة من أمنها واقتصادها ولا تزال تدفع الثمن.

وهو ما دفع دول جنوب أوروبا، لاتخاذ موقفا موحدا في اجتماع قبل ساعات في اليونان. بعدما طالبت، بقية دول الاتحاد الأوروبي بمشاركة أكبر لـ”عبء” استقبال المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين الفارين”.

وحضت دول جنوب أوروبا، وفقا لتقرير نقلته “دويتشه فيله”، باقي أعضاء الاتحاد الأوروبي على التضامن معها في تشارك عبء المهاجرين الوافدين إلى القارة، عبر محادثات جمعت اليونان وقبرص وإيطاليا ومالطا وإسبانيا قبيل ايام من قمة مرتقبة للاتحاد الأوروبي يومي 25 و26 مارس الجاري.
وسبق لأربعة دول في جنوب اوروبا، هى اليونان وإيطاليا ومالطا وإسبانيا، أن أعلمت المفوضية الأوروبية أن الميثاق الجديد للهجرة واللجوء، لا ينصّ بشكل كافٍ على تشارك عبء المهاجرين الوافدين إلى أوروبا، وتسعى المفوضية الأوروبية لإصلاح القواعد حتى يتم توزيع طالبي اللجوء على دول الاتحاد الـ27 بدل تحميل مسؤوليتهم لليونان وإيطاليا ومالطا وإسبانيا فقط، وبعدما اهتزت اقتصاديات هذه الدول بشدة وأصبحت تشكو “علنًا” من الآثار الفادحة للهجرة غير الشرعية القادمة لها عبر المتوسط وعبر السواحل الليبية بالخصوص.

وعلق وزير الشؤون الداخلية في مالطا، بايرون كاميليري بالقول: لا يمكن معاقبتنا بعد الآن على موقعنا الجغرافي. لا يمكن أن نعاقب بعد الآن لأننا ننقذ الأرواح في البحر.
فيما قال وزير الهجرة اليوناني، نوتيس ميتاراشي، علينا التأكد من أن الاتفاقية الجديدة لن تسمح في المستقبل بظهور مخيمات جديدة مثل “موريا”، في إشارة إلى المخيم الواقع على جزيرة ليسبوس اليونانية والذي التهمته النيران، وهو رمز لعبء تدفق المهاجرين غير الشرعيين.
وشدد وزير الداخلية الإسباني فرناندو غوميز، على أهميّة التعاون الأوروبي الوثيق مع الدول التي يأتي منها المهاجرون والدول التي يعبرونها في طريقهم إلى أوروبا، واعتبر ذلك الصيغة الأكثر فعالية لمنع الهجرة غير الشرعية”.

في السياق ذاته، وفي دراسة موسعة للجيش اللبناني عام 2016، بعنوان تداعيات الهجرة غير الشّرعيّة على أوروبا وأبعادها، من إعداد المقدم الركن الطيار، رولان مرعب، أكدت الدراسة، أن عدد المهاجرين غير الشّرعيين إلى دول الاتّحاد الأوروبي خلال العام 2015، بلغ حوالى 1.8 مليون مهاجر. وأمام هذه الأعداد الهائلة من المهاجرين غير الشرعيين، تفجرت مشاكل كبرى.

ووفق الدراسة، ففي حين أن الآثار الديموغرافية للهجرة الشرعية، غالبًا ما تكون مدروسة بحيث لا تشكّل تهديدًا لهويّة البلد المستقبل للمهاجرين، فإن الهجرة غير الشرعية من الصّعب التّحكّم بنتائجها على الصعيد الديموغرافي، وهو ما دفع هذا ببعض الأحزاب اليمينية الأوروبية المتطرفة المعادية للهجرة غير الشّرعيّة ،إلى اعتبار المهاجرين “قنبلة موقوتة” ستغير وجه أوروبا على المدى القريب.
ويضاف إلى الخطر الديموغرافي للهجرة غير الشرعية، من وجهة نظر الأحزاب اليمينية المتطرفة، الخطر الأمني المباشر على استقرار أوروبا.
وبحسب الدراسة، فإن الأحزاب اليمينية، تعتبر هذا النّوع من الهجرة الوسيلة الّتي يتسلّل بواسطتها “الإرهابيون” إلى الداخل الأوروبي، ودليلهم على ذلك تكاثر الأحداث المرتبطة بالإرهاب في أوروبا خاصة في العامين 2015 و2016.
وكشفت الدراسة، وجود أعباء مالية واقتصادية كبيرة على أوروبا جراء “جحيم” الهجرة غير الشرعية، والتي زادت بشكل مرعب في أعقاب سقوط الدولة الوطنية في ليبيا وانفتاح المتوسط أمام عصابات دولية و”مافيات”، تعمل في الهجرة غير الشرعية.
وتشير الدراسة، إلى أن الهجرة غير الشرعية، تؤدي إلى إدخال أعداد كبيرة من المهاجرين إلى أسواق العمل خلال فترة زمنية قصيرة، ما دفع بالاتحاد الأوروبي إلى تخصيص اعتمادات مالية بهدف السيطرة على تدفق المهاجرين.
علاوة على أن الهجرة غير الشرعية، تضيف على المدى القصير ضغوطات على اقتصاد بعض الدول الأوروبية.
وترتبت، أعباء على المالية العامة نتيجة تكاليف استقبال، وإيواء أو ترحيل المهاجرين. وتتضمن المصاريف الأولية تأمين المأكل، والمأوى، وكلفة المدارس، وتعلم اللغة، والمساعدات المالية الشهرية الّتي تبدأ من 10 يورو للشخص الواحد، الذي يسكن في مراكز الاستقبال وتصل إلى أكثر من 300 يورو للذين يتم إيواؤهم في منازل.
وكشفت الدراسة ذاتها، إنه منذ العام 2000 وحتى اليوم، أَنفق الاتحاد الأوروبي حوالى 11.8 مليار يورو على “عمليات الترحيل” فقط وهو مبلغ باهظ.
ووفق أرقام أوردها مسح شامل نشرته “سكاي نيوز عربية”، نوفمبر 2019، وبحسب ما أوردت صحيفة “الغارديان”، فإن عدد المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا يتراوح بين 3.9 مليون و4.8 مليون مهاجر في عام 2017!

ويجمع خبراء، أن إبداء العديد من القادة الأوروبيين ومنهم الرئيس الفرنسي ماكرون، ندمهم الشديد واعترافهم بخطأ التورط في غزو ليبيا، وعملية فجر الأوديسا التي تم على أثرها تدمير كيانات الدولة الليبية وإسقاط زعامتها، يؤكد على تجرعهم “الدواء المرّ” والثمن الأفدح للسيولة الأمنية والسياسية التي تضرب ليبيا على مدار سنوات، منذ نكبتها قبل 10 سنوات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى