تقارير

خاص قورينا.. “بوتين القاتل”.. بايدن يستعيد أجواء حرب باردة مع موسكو لاستعادة الهيمنة الأمريكية على مناطق نفوذ سابقة استولت عليها روسيا

قورينا
ليس من المأمول على المدى القريب، أن تنجح الولايات المتحدة الأمريكية في إنهاء خلافاتها مع روسيا والتي أخذت منحنى تصاعديا خطيرا بعد قول الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن “بوتين قاتل وإنه لن يتركه وسيحاسب على تدخله في الانتخابات الأمريكية”، بل العكس تماما، فمن المرتقب أن تكون فترة ولاية بايدن هى فترة تصفية الحسابات مع الرئيس الروسي بوتين وقد بدأها بايدن مبكرًا جدًا بعد نحو شهرين فقط من تولي منصبه.

وفي الوقت الذي يرى فيه محللون، أن العلاقة المحتدمة الشائكة ستحكم مجرى التعاملات الأمريكية مع روسيا والصين، خلال الأربع سنوات المقبلة. فرأيهم إنه ليس فقط “الأسباب المعلنة” من جانب بايدن هى الأسباب الكاملة وراء غضبه من بوتين.

وبالخصوص فيما فما قاله عن الخلاف بشأن التدخل في الانتخابات الأمريكية لصالح منافسه السابق ترامب أو المعارض الروسي نافالني، فهذه في رأيهم “جزء من الأسباب وليست كلها.


حيث أطلق مراقبون عن الفترة الرئاسية التي سيقضيها جو بايدن في البيت الأبيض، “عهدة اوباما الثالثة”، وأن بايدن سيكمل ما بدأه أوباما – كلينتون، أي أنه سوف يجتر ذات السياسة.


وبرز خلال الساعات الأخيرة، التصعيد الأمريكي الكبير ضد روسيا، فبعد قرابة أسبوع من هجوم أمريكي كبير، قاده بايدن ضد روسيا والرئيس بوتين.

أكد وزير وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، إنه ستكون هناك “تكاليف وعواقب” على حد قوله بالنسبة لروسيا بسبب أنشطتها الخبيثة المزعومة ضد الولايات المتحدة.

وقال بلينكين في مقابلة له مع شبكة سي إن، سنتخذ الخطوات اللازمة للدفاع عن مصالحنا، في الوقت الذي تختاره واشنطن.

وأضاف بلينكن، إن هناك “التزامًا مشتركًا” بين الحلفاء الغربيين بضرورة “الوضوح” بشأن تصرفات موسكو ومحاسبة الكرملين.
مشيرا الى أنهم “بصدد دراسة” العقوبات أو الإجراءات التي تخطط واشنطن لاتخاذها ضد موسكو، وبالتشاور مع بقية دول الناتو.

فيما كانت روسيا قد نفت بشكل مفصل، التدخل في الانتخابات الأمريكية وتدبير الاختراق الإلكتروني الذي استخدم شركة التكنولوجيا الأمريكية “سولار ويندز” SolarWinds لاختراق شبكات الحكومة الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، كما رفضت موسكو، التقارير الاستخباراتية الامريكية التي قالت إنها قدمت “منحًا” لمقاتلي طالبان لقتل القوات الأمريكية في أفغانستان، وحاولت تسميم زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني.

في السياق ذاته، خلص تحليل استخباراتي أمريكي إلى أن بوتين وجه على الأرجح حملة لمحاولة مساعدة ترامب في الفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض مدتها أربع سنوات.

لكن هل هذا فقط هو ما يثير بايدن ضد بوتين؟
نشرت “روسيا اليوم”، مقالا للمحلل السياسي، رامي الشاعر، فنّد فيها أسباب الغضب الأمريكي من روسيا،وقال رامي الشاعر، إنه في الوقت الذي لابد أن يكون معلوما، أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يديرها رجل واحد، حتى لو كان الرئيس، بل تديرها إستراتيجيات تضعها النخب الحاكمة، استناداً لمصالح رؤوس الأموال والمؤسسات الضخمة العابرة للقارات، والتي يخدمها فريق الإدارة الأمريكية، فالحقيقة، أن هناك الكثير من القضايا الداخلية التي دفعت ادارة “بايدن” إلى تبنّي هذه “الملاسنة” الفجة، مع بوتين، سواء فيما يتعلق بالوضع الصحي والاقتصادي الناجم عن أزمة كورونا، أو ما تمر به الإدارة الأمريكية من مصاعب في تضييق الفجوة والانقسام المجتمعي الذي خلفته ادارة ترامب، والخلافات الحادة حول قضايا الهجرة وحمل السلاح وغيرها.


فالحديث عن روسيا، والتصدي لبوتين صاحب الكاريزما المؤثرة، ليكون العدو الأول للديمقراطية، والتهديد الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية.

سيسهل على بايدن – وفق المقال- حشد الديمقراطيين والجمهوريين لمواجهة ذلك “العدو اللدود”. وكلما ازدادت جرأة الرئيس الأمريكي على استفزاز روسيا، كلما ارتفعت أسهمه وتأييده والتعاطف معه في الداخل.

في السياق ذاته ، وفي الوقت الذي تعجز فيه بعض الدول الكبرى، حتى وإن رغبت في قرارة نفسها، عن مساعدة أشقائها العرب في أرجاء الوطن العربي المقسّم والمنهار، والذي يعاني من كل أنواع الحروب والأزمات المتفاقمة، دون إذن من الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعقد صفقات أسلحة ونشر قوات أمريكية بقيمة 500 مليار دولار، لتخلق تلك الأموال وظائف لملايين الأمريكيين، كما تحرم ملايين العرب من حق الحياة. تبدو تكلفة النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط باهظة للغاية.

ويبدو كذلك أن الشرق الأوسط عقبة كبيرة أمام التوافق الأمريكي – الروسي والسبب ان السياسات مختلفة تماما، فالولايات المتحدة الأمريكية تعوق حتى تقديم المساعدات الإنسانية لشعوب الشرق الأوسط المنكوبة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، يعجز الأثرياء من اللبنانيين والسوريين، ممن يعيشون في الخارج، عن تحويل أموال إلى ذويهم وأقربائهم في سوريا خشية حظر حساباتهم.

كما ترفض شركات الشحن الدولية تسليم الإمدادات الإنسانية، لتجنب الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية، وهذا على عكس الموقف الروسي البارز في سوريا.

وشدد المحلل السياسي رامي الشاعر، ان الشرق الأوسط، مكانا آخر للصدام الروسي – الأمريكي.

ففي أوائل مارس، قام وزير الخارجية الروسي، لافروف، بجولة في دول الخليج، وُصفت بأنها “أكثر من مثمرة”، تمت خلالها مناقشات مباشرة وعملية لحل المشاكل الإقليمية في سوريا وليبيا واليمن، كما سمعنا تصريحات هامة حول “عودة سوريا” إلى محيطها العربي، وإجراء حوار مع الإدارة الأمريكية بصدد رفع العقوبات.

وبالطبع أثارت تلك الزيارة استياء واشنطن، بوصف تلك الدول واقعة تحت تأثير “الهيمنة” الأمريكية.

فتصريحات بايدن القاسية تجاه بوتين، وسياسة ادارته نحو روسيا، تقف وراءها في الخلفية، أحلام استعادة الهيمنة الأمريكية.

فـ”بايدن” وعد علنا خلال الحملة الانتخابية، أن واشنطن ستكون موجودة في كل الملفات العالمية، ولن تنسلخ عنها كما كان الحال وقت ترامب، فأصداء الوصاية الاستعمارية الأمريكية تتردد في خطاب بايدن وخلافاته مع موسكو.


يأتي هذا فيما أعلن الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن روسيا تجري تحليلا لأعمال إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وأن الرئيس بوتين سيتخذ بعد ذلك قرارا حول العلاقات مع واشنطن.

بينما لفت مستشار وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، إن الولايات المتحدة، تشن حربا نفسية على روسيا بهدف تشويه صورة الرئيس بوتين وتقويض مؤسسات الدولة. وقال إلنيتسكي لقناة “سباس” التلفزيونية: نوع جديد من الحرب، على ما يبدو، ممكن ان نطلق عليه اسم الحرب النفسية.

في الوقت ذاته ووفق تقرير لـ “فورين بوليسي”، فإن جزء من الخلاف الأمريكي- الروسي الغير ظاهر، يعود في جزء منه إلى الوضع في ليبيا، حتى وإن لم يبدو ذلك علانية في تصريحات المسؤولين الأمريكيين.


فخلال ال10 سنوات الماضية، أصبح تفكك ليبيا رمزًا للعديد من الأمريكيين لـ”محدودية القوة الأمريكية” وحماقة التدخل العسكري في البلدان البعيدة.

لقد قوضت ذريعة التدخل الإنساني على مستوى العالم، ولا تزال تطارد كبار المسؤولين الأمريكيين السابقين والحاليين، وبعدما شوهت ليبيا بعضًا من حياتهم المهنية.

وقد عبرت ستيفاني وليامز المبعوث السابق بالانابة للأمم المتحدة، عن القلق الأمريكي تجاه ليبيا الان بقولها: “أنا بالتأكيد أفهم التاريخ، لكن من الناحية الجيوستراتيجية، أعتقد أن ليبيا مصلحة حيوية للأمن القومي للولايات المتحدة، واذا كنت تتجاهل ذلك فهو على مسؤوليتك”.. وهو حث على التدخل واستنكار للتراجع في بدايات تولي بايدن السلطة.

وفي حين أن هذا التشوه والتردد هو موقف واشنطن في ليبيا، فإن روسيا في موقف أقوى، وطوال العقد الماضي عززت تواجدها في ليبيا.


والمعني ان الهجوم الأمريكي على روسيا، والذي أدى إلى تراجع حاد في العلاقات الأمريكية – الروسية وسحب السفير الروسي، يعود في جزء منه إلى رغبة بايدن في استعادة نفوذ أمريكي سابق في ملفات عديدة، منها أوروبا التي يريد أن يخترقها بوتين وفق رؤيته، بخط غاز يصل إلى ألمانيا، ومنها مناطق اشتباك ونفوذ في سوريا وليبيا وداخل المنطقة العربية.

ويقول محللون، أن السياسة الأمريكية هذه وان لم تتم مراجعتها قد تكون في مصلحة العالم، لأنها ستخلق بطبيعتها أو ستعيد “عالم ثنائي القطبية” كما كان وقت الاتحاد السوفيتي، وروسيا قوية الآن، وليس عالم أحادي القطبية، وإذا تحالفت روسيا والصين فإن ذلك سيعود بـ”مصلحة” على العرب في مواجهة الهيمنة الأمريكية كما كان في عقود سابقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى