7 شهور مضت على اتفاق جنيف ولم يغادر أحد.. المرتزقة إلى متى في ليبيا؟؟
10 قواعد عسكرية أجنبية تحتشد بالمرتزقة في أنحاء مختلفة من البلاد منها الوطية ومصراتة وقاعدة "الويغ"

خاص قورينا
وسط كل المشاكل والفوضى التي تعانيها ليبيا، في أعقاب نكبة فبراير 2011. تعد مشكلة المرتزقة والقوات الأجنبية، واحدة من أعقد المشاكل وأكثرها تأثيرا في المشهد الليبي. فوجود آلاف من القوات الأجنبية والمرتزقة المحتلون للبلاد، حول الوطن لمستعمرة جديدة للمرتزقة السوريين والروس ومن تشاد والسودان وغيرهم.
وقبل نحو 7 أشهر، وبالتحديد في أكتوبر 2020، قضى اتفاق وقت إطلاق النار، الذي وقع بين ميليشيات الوفاق غرب ليبيا من ناحية، وقوات الكرامة شرق ليبيا من ناحية أخرى، وكليهما مدعومان بالمرتزقة، بخروج القوات الأجنبية والمرتزقة على الطرفين في غضون 90 يوما!
لكن مرت 7 أشهر كاملة دون خروجهم، ودون أي مؤشرات على الوقت الذي تحين فيه هذه اللحظة، و وهو ما يطرح أسئلة كثيرة حول سر بقائهم وهدفه وتوقيت الخروج.
خلال الساعات الأخيرة، وعلى هامش التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى مجلس الأمن بخصوص الأوضاع في ليبيا، قال غوتيريش بوضوح:، إن ليبيا لم تشهد أي تراجع في عدد المقاتلين الأجانب أو أنشطتهم، لا سيما في وسط البلاد.
وأورد التقرير الذي جرى تقديمه لمجلس الأمن: إنه بينما يظل اتفاق وقف إطلاق النار ساريا، تلقت البعثة الأممية في ليبيا، تقارير عن إقامة تحصينات ومواقع دفاعية على طول محور سرت- الجفرة وسط ليبيا، فضلا عن استمرار وجود العناصر والإمكانات الأجنبية. وتابع تقرير غوتيريش: إنه رغم الالتزامات التي تعهد بها الأطراف، تواصلت أنشطة الشحن الجوي مع رحلات جوية إلى قواعد عسكرية مختلفة!!
وقدر التقرير، عدد المقاتلين والمرتزقة الأجانب في ليبيا، بـ”أكثر من 20 ألفا” من بينهم 13 ألف مرتزق سوري.
وكررغوتيريش دعوته للدول الأعضاء والجهات الليبية الفاعلة،، إلى وضع حد لانتهاكات حظر الأسلحة، وتسهيل انسحاب المقاتلين والمرتزقة الأجانب من البلاد. مشددا على أن هذه عناصر عناصر أساسية لسلام واستقرار دائمين في ليبيا والمنطقة على حد قوله.
والواقع أن التلكؤ، في اخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا ليس وليد اليوم، ولكنه ظهر منذ أن “وطئت الأطراف الاستعمارية” ليبيا والمتداخلة بعناصرها في الشأن الليبي، وتجاوزت تماما المهلة الأولى لإخراج المرتزقة والتي انتهت بعد 90 يوما من اتفاق جنيف، لوقف اطلاق النار، وبالتحديد في 23 يناير 2021 الماضي.
فقد انتهت المهلة دون أن يعيرها “أصحاب المرتزقة شرق وغرب ليبيا” أي اهتمام. بالرغم من النص صراحة: في النقطة الثانية من بنود اتفاق جنيف على (اخلاء جميع خطوط التماس، من الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة بإعادتها إلى معسكراتها بالتزامن مع خروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، برا وبحرا وجوا في مدة أقصاها 3 أشهر من تاريخ التوقيع على وقف إطلاق النار، وتجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي، وخروج أطقم التدريب إلى حين الاتفاق).. وكل هذا لم يتحقق.
يأتي هذا فيما كانت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة سابقا، ستيفاني ويليامز، حذرت قبل مغادرتها المنصب، أن خروج القوات الأجنبية وتنفيذ اتفاق وقف النار، أضحى أمرا ملحا. وأحصت وليامز، وجود 20 ألف مرتزق و10 قواعد عسكرية أجنبية في ليبيا!
وفي الوقت الذي أرجع فيه المحلل السياسي، عماد جلول فشل خروج المرتزقة الى ضعف حكومة الدبيبة نفسها قائلا لفرانس 24: إنه بعد انفراج غير مسبوق شهدته البلاد على المستوى السياسي خلال الشهرين الماضيين، وولادة سلطة سياسية موحدة، دخلنا في مرحلة شك جديدة، وطفت الخلافات مجددا بين الشرق والغرب في ليبيا.
وأضاف جلول: في اعتقادي أن الحكومة التي اختيرت ضعيفة جدا، وفرصة نجاحها في الوصول بليبيا إلى الانتخابات بعد أقل من 7 أشهر، ضئيلة جدا وتحتاج لمعجزة. وتابع جلول: “البرلمان ومجلس الدولة لم يتوصلا حتى الآن إلى قاعدة دستورية تمهد للانتخابات. وفي حال فشل ذلك خلال شهر يونيو المقبل، أعتقد أن الأمور ستتعقد وموعد الانتخابات سيظل في مهب الريح، وبالطبع قضية المرتزقة احدى القضايا المعلقة على إرادة المجتمع الدولي وقوة الحكومة الموجودة في السلطة.
ويتوزع المقاتلون والمرتزقة الأجانب على مجموعات عدة، وهم من جنسيات مختلفة: روس من مجموعة فاغنر، وتشاديون وسودانيون، بالإضافة إلى سوريين مدعومين من أنقرة وجنود أتراك بموجب اتفاق مشبوه سابق مع حكومة ميليشيات الوفاق.
كما تنتشر القواعد العسكرية التي تضم آلاف المرتزقة، في مختلف أنحاء ليبيا، فتركيا تحتل قاعدتي الوطية الجوية وتتواجد كذلك في قاعدة مصراتة البحرية، علاوة على مطار معيتيقة الدولي الذي تحول إلى “قاعدة عسكرية جوية” يحتلها الأتراك. فيما تتواجد إيطاليا بقاعدة عسكرية في مصراتة، تحت ستار مستشفى ميداني، بينما يتركز الجنود الفرنسيين في قاعدة “الويغ” جنوب ليبيا.
وبرغم جهد شبه منفرد، قامت به وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، نجلاء المنقوش، طيلة الشهرين الماضيين، في اعتبار قضية أخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا أولوية لحكومتها، وكشفت المنقوش: أن ليبيا بدأت حوارا مع تركيا في شان خروج قواتها العسكرية من ليبيا ومصممة على انسحابها من البلاد.
وأضافت خلال جلسة استماع مع لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الإيطالي: أن حكومة الدبيبة، لاحظت استعداد أنقرة لبدء المباحثات والمفاوضات. وتابعت: إن ليبيا حازمة في نياتها لاخراج القوات الاجنبية كلها وتطلب من جميع الدول أن تكون متعاونة من أجل حسم هذا الملف.
فإن تصريحاتها هذه تسببت في أزمة ضخمة، بعدما هاجمت ميليشيات مسلحة تنتمي لما يسمى بركان الغضب، مقر المجلس الرئاسي في فندق كونثيا في طرابلس وكانت تبحث عنها للفتك بها، وتساءل أحد قادة الميليشيات في الفيديو المتداول عن الحادث أين المنقوش؟! كما ثار ضدها تنظيم الاخوان المسلمين وتم انتقادها بضرواة.
ولم يكن السبب فقط مطالبتها بخروج المرتزقة، ولكن لأن خطة الهجوم التي يشنها الإخوان على وزيرة الخارجية المنقوش، احد أهدافها كذلك إبعادها عن وزارة الخارجية أو إيقافها عن العمل، وتكليف وليد اللافي وزير الاتصال والشؤون السياسية بالخارجية، بالإضافة إلى حقيبته الوزارية.
علاوة على أنهم (أي الميليشيات) لديهم مشكلة أخرى مع المنقوش. فالوزيرة المنقوش منذ استلامها منصبها، وهى تعمل على تقليص اعداد الموظفين في السفارات، والذين أغلبهم من الميليشيات الغير مؤهلين ومن خارج ملاكات الوظائف الدبلوماسية، وإعادة النظر في منح جوازات السفر الدبلوماسية لمثل هؤلاء.
وعلق المحلل السياسي، بوبكر الورفلي لـ”العين”، بالقول: إن جلب المرتزقة تم تحت بصر المجتمع الدولي المجتمع الدولي ومجلس الأمن، وكان الهدف أنذاك، خلط الأوراق والضغط على الأطراف الليبية من أجل الدخول في حوار سياسي. مشددا: أن أزمة المرتزقة لن تحل بسهولة وهى بحاجة الى توافق دولي وارادة دولية ومجلس الأمن في ظل الظروف الراهنة وتعارض مصالح الدول وتقاطعها، لن ينجح في اصدار قرار تنفيذي بشأن البدء في أي عمليات عسكرية ضد المرتزقة وفق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة او الحسم تجاه وجودها.
فيما لفت المحلل عثمان البدري، إلى أن استخدام القوة وفق بعض الرؤي لإخراج المرتزقة يحتاج الى قرار دولي لكنه مستبعد في الوقت الحالي، ولن يكون ذا جدوى إلا بتفاهم روسي أمريكي.
بينما رأي الباحث السياسي، محمد قشوط، انه من الضروري ان تدرج مخرجات برلين واللجنة العسكرية الليبية تحت البند السابع، لكي يتسنى لمجلس الأمن، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتخاذ تدابير بشأن إخراج المرتزقة.
وشدد قشوط: إنه ينبغي ربط ملف المرتزقة في ليبيا بملف حل الميلشيات المسلحة المنتشرة في العاصمة طرابلس وغيرها من المناطق.
وإزاء ما تقدم، تبدو قضية المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا قضية خارج الإرادة الوطنية، أو بمعني أوضح “كارت استعماري” تحركه القوى التي احتلت ليبيا وتقاسمت فيما بينها مواردها وغنائمها.
============