تقريـــــر دولــــــي ترجمتــــــه «قورينــــــــــا» .. «ليبيا مرة أخرى في المستنقع»
فالانتخابات المقبلة تُهدد مصالح قوى دولية رسّخت أوضاعها

نشر موقع “ZAWYA” التابع لـ”ميدل ايست بريس بكتف”، تقريرا هامًا اقترب من الأسباب الحقيقية، وراء فشل ملتقى الحوار السياسي في جنيف، في الاستقرار على قاعدة دستورية للانتخابات المقبلة..
“قورينا” ترجمت التقرير لقرائها تقديرا لأهميته الشديدة.. وإلى النص الحرفي له:-
في الأسابيع التي أعقبت تعيين حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في ليبيا قبل بضعة أشهر، أشارت سلسلة من “التطورات والتأييدات والتفاؤل”، التي ظهرت أنذاك، إلى إمكانية تحرك ليبيا أخيرًا بعد سنوات من الصراع والانقسام، بعدما توجت الجهود المضنية لحل النزاعات، من قبل الأمم المتحدة وغيرها في تشكيل “برلمان الظل”، منتدى الحوار السياسي الليبي، المكون من 75 عضوًا، وتعيين حكومة مؤقتة برئاسة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، بهدف إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بحلول 24 ديسمبر المقبل، لكن لسوء الحظ، وعلى الرغم من قدرة “المصالح المتصارعة”، على التوصل إلى إجماع حول أهمية إجراء هذه الانتخابات، فالواضح أن الملتقى استسلم للانقسامات المألوفة.
وكانت قد حددت المفوضية العليا للانتخابات، موعدًا نهائيًا في 1 يوليو الجاري، لتلقي “القاعدة الدستورية” اللازمة لتنظيم الانتخابات، ومع ذلك، وبعد أربعة أيام من المحادثات في جنيف، فشل الملتقى، في التوصل إلى اتفاق بالخصوص، وحتى بعد مدّ يوم إضافي من المحادثات.. لم يتوصلوا لشىء.
وعليه جاءت النتيجة المخيبة للآمال، لتكشف وجود تناقض صارخ مع النجاحات الأولية للملتقى، في وضع خارطة طريق للانتخابات التي أقرها المجتمع الدولي، وإجراء انتخابات سلسة نسبيًا للحكومة المؤقتة ومجلس الرئاسة في ليبيا.
ولسوء الحظ، فما كان من المفترض أن يكون “هيئة ليبية شاملة”، ومصممًا ومخوَّلًا للعمل كممثل للإرادة الوطنية الليبية، لم ينأى هو نفسه عن اتهامات بـ “الفساد والتشابك والانقسامات” التي تهدد باستمرار إغراق ليبيا في الفوضى.
أما فيما يتعلق بالانتخابات، فقد انقسم الملتقى إلى ثلاث فصائل، ففي حين لا تزال إحدى المجموعات ملتزمة بخارطة الطريق الحالية، والتي تصر عليها بعثة الدعم الأمريكية في ليبيا – البعثة الأممية- دعت مجموعة أخرى، إلى تأجيل الانتخابات على الأقل إلى العام المقبل، فيما اقترحت المجموعة الثالثة إجراء الانتخابات النيابية فقط آخر العام!
وبحكم طبيعة الملتقى، فمن غير المرجح أن تجد هذه “الانقسامات” حلاً وسطًا، كما أن أعضاء الملتقى أنفسهم لا يميلون إلى القيام بذلك، حتى مع تمديد الموعد النهائي للوصول إلى “قاعدة دستورية” إلى 1 أغسطس المقبل من جانب مفوضية الانتخابات.
وطوال العقد الليبي الضائع، كانت أعمال العنف وسفك الدماء والفوضى، تندلع دائما بعد تخريب العمليات السياسية بشكل متكرر، ودون الوصول لشىء، كما يحدث الآن في جنيف.
ويواصل التقرير، من الناحية المثالية، فلا ينبغي لليبيا إجراء انتخابات لمجرد تهدئة المجتمع الدولي المحبط ونفاد الصبر، ولكن إذا كان الليبيون سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع، فيجب أن يكون ذلك لأنهم هم أنفسهم –أي الليبيين- راغبون في ذلك، ويتم تحفيزهم للمشاركة في العملية الديمقراطية، على الرغم من المخاطر المحتملة، والتي قد تتراوح بين الهجمات على مراكز الاقتراع، أو الاعتراض على”النتائج” والتي قد تثير صراعات جديدة عندما يرفضها الخصوم المعروفون.
ومع ذلك، تشير التقارير الواردة من جنيف إلى أن الانقسامات داخل الملتقى لم تؤججها “المخاوف” بشأن دستورية انتخابات ديسمبر وأمنها ولوجستياتها، ولكن تدخلات أخرى.
فمن المعلوم، أن هناك مصالح أجنبية ومحلية، تخشى أن توجه الانتخابات، ضربة قاصمة للجهود الاستراتيجية، التي استمرت لسنوات لترسيخ المصالح الأجنبية، في مشهد ما بعد الصراع في ليبيا، بعدما نشرت عدة جهات خارجية رجالًا وأموالًا وذخائر في ليبيا للتأثير على أول حكومة منتخبة ديمقراطيًا، وتأمين فوائد ضخمة من إعادة الإعمار المربحة بعد الحرب، فيما سعى آخرون إلى إنشاء موطئ قدم إستراتيجي على البحر المتوسط.
المثير وفق التقرير، أن عدم وجود حل عسكري للأزمة الليبية، لا يعيق تحقيق هذه الأهداف، فكل يُحقق مصالحه في الوضع الحالي، ومن المفارقات كذلك، أن العملية السياسية السلمية تحت رعاية الأمم المتحدة، توفر بالفعل فرصًا لهذه الجهات الفاعلة لاستمرار التأثير في ليبيا بشكل كبير.
والحاصل أن فشل العملية السياسية، لن يكون فقط مجرد صداع كبير لليبيين، المحبطين من الوباء، والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، ونقص الغذاء والعملة، ولكن مأساة كبيرة، أما المفارقة فأنه تم إدراج شخصيات مثيرة للجدل يعملون الآن كمفسدين لخدمة “المصالح غير الليبية”.
في السياق ذاته، فإن فشل ملتقى الحوار السياسي الليبي، لن يزيد من تقويض شرعيته وشرعية خارطة الطريق الليبية فقط، بل سيعرض أي محاولة للحوار في المستقبل للخطر الشديد، ما يؤخر التقدم في الأوضاع الليبية ومفارقة المرحلة الانتقالية.
===========
المصدر الأجنبي للتقرير
https://www.zawya.com/mena/en/economy/story/Libya_back_in_a_quagmire-ZAWYA20210711052018/