بحث وإعداد «قورينا».. تقرير يرصد مؤشرات «انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة» من ليبيا

في الوقت الذي أطلق فيه رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، مبادرة لدعم الاستقرار في ليبيا، بالدعوة إلى مؤتمر دولي في أكتوبر المقبل، لمواجهة البلاد تحديات خطيرة وبحث خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا وأكدته المتحدثة باسم “الرئاسي” نجوى وهيبة، من أن هناك خطة لسحب “المرتزقة والقوات الأجنبية” من ليبيا وقد يكون انسحابهم على حد قولها بـ “نسب مئوية” وليس بناءًا على أعدادهم.
فقد رصدت “قورينا” مؤشرات عدة، تؤكد بدء انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا على الجانبين الشرقي والغربي، وهذا يعود إلى “توازنات دولية” وتغير في المشهد الإقليمي والدولي ولا يرتبط بـ “سيادة ليبيا أو مبادرة المنفي، فاللعبة أكبر من ذلك وسيادة ليبيا الحقيقية تبدو منتهكة تمامًا منذ عام 2011.
وبخصوص المرتزقة السوريين في المنطقة الغربية، ويصل عددم إلى نحو 13 ألف مرتزق، والذين تدفقوا إلى ليبيا عبر شركة “سادات” التركية العسكرية المتخصصة التي تديرها المخابرات التركية. كشفت مصادر مطلعة، أن أنقرة بدأت تسحب مرتزقة سوريين من قاعدة الوطية الجوية في غرب ليبيا، في خطوة اعتبرت بمثابة، تنازلات يقدمها أردوغان لكل من مصر والإمارات على أمل استعادة علاقته المتدهورة بهما.
ووفق ما نقلته كل من وكالة تاس الروسية، وجريدة “زمان” التركية”، فإن قيام تركيا بسحب مجموعة من المرتزقة السوريين من قاعدة “الوطية الجوية” يعود الى اتفاق مع مصر، وأن طائرات نقل عسكرية تركية، من طراز إيرباص إيه 400، قامت بإجلاء المرتزقة السوريين من “قاعدة الوطية” بموجب اتفاقات ثنائية بين القاهرة وأنقرة، لكن لم يكشف عن عدد هؤلاء الذين تم ترحيلهم أو المكان الذي ذهبوا اليه.
في السياق ذاته جاء لقاء قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا “الأفريكوم” الجنرال ستيفن تاونسند، برئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة والمنفي، وأعضاء اللجنة العسكرية المتشركة 5+5 ، ليعطي دفعة كبيرة على الصعيد العسكري لعملية سحب المرتزقة من ليبيا وبدء تفعيل هذا الملف.
ووفق بيان السفارة الأمريكية، فقد بحث “تاونسند والدبيبة”، إبعاد المرتزقة الأجانب، ووجود القوات الأجنبية في الجنوب الليبي، بالإضافة إلى بذل جهود مشتركة مع دول الجوار حول هذا التشابك.
وشددت السفارة الأمريكية في بيانها، بعد لقاء قائد “الأفريكوم”، أن الولايات المتحدة الأمريكية، لا تزال ملتزمة بتسهيل التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، والانسحاب الكامل لجميع القوات الأجنبية والمقاتلين وتوحيد المؤسسة العسكرية.
في السياق ذاته، جاء تخفيض رواتب المرتزقة السوريين إلى نحو 500 دولار لكل فرد وفرض 1000 دولار إتاوة، على كل من يرغب في العودة لسوريا، “كسياسة تركية” هدفها دفع المرتزقة للرحيل عن ليبيا وفق خطط تركية موضوعة لذلك.
على الصعيد الأخر، باشرت شركات أمنية روسية متخصصة بتجنيد المرتزقة، تخفيض أجور المرتزقة السوريين الذين تجندهم ويقاتلون في صفوفها داخل ليبيا بنسب متفاوتة، وصلت إلى نحو 80% لبعض العناصر.
وكشفت مواقع سورية- نقلا عن لقاءات مع بعض المرتزقة العائدين من ليبيا- إن سقف الراتب الشهري للمقاتل خُفض من 2000 إلى 1200 دولار كحد أقصى لقادة المجموعات، الذين يتقاضون أعلى الرواتب، بينما خُفّضت رواتب العناصر والمجندين من 1000 إلى 700 دولار، كما ألغت الشركات الروسية المبالغ المدفوعة للمقاتلين عن كل يوم تأخير في العودة إلى سوريا، وأصبحت الأيام التي يقضيها المقاتلون في ليبيا بعد انتهاء عقودهم غير مدفوعة الأجر، بينما في السابق كان يدفع 100 دولار عن كل يوم تأخير في العودة لسوريا.
ووفق مسؤولون، كانوا يرافقون وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن في جولته الأوروبية، فإن هناك اتفاقًا من حيث المبدأ مع الجانبين التركي والروسي، على بدء مناقشة انسحاب نحو 300 مقاتل سوري من كلا الجانبين من ليبيا، وهى مؤشرات على بدء الانسحاب، ما دفع بوزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، لتقول خلال مؤتمر صحفي أخير إن “المرتزقة” الأجانب الموجودين في ليبيا قد يغادرونها قريبًا بعد إحراز تقدم في محادثات السلام.
في السياق ذاته، تبدو مؤشرات انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، مرتفعة عن أي وقت مضى لأن هناك تغير في “الخريطة الاستعمارية” داخل افريقيا، فمع إعلان فرنسا سحب قواتها من مالي، والتي احتفظت بها منذ عام 2013، فإن السلطات في مالي، وأمام الصراع مع الجماعات الدينية بدأت تخطط للتحالف مع قوة استعمارية أخرى وهى روسيا، وتطلب مقاتلين لها لمساعدتها.
وخلال فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة، استنكر رئيس الوزراء المالي، تشوجويل كوكالا “مايغا” المقترحات الفرنسية بسحب قوات الاحتلال الفرنسي الموجودة في البلاد قبل 8 سنوات مشيرًا إلى أن النظام السياسي في “باماكو” سيسعى إلى حلفاء آخرين، وجاء ذلك بعد إعلان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أن “مالي” اتصلت بمجموعة فاغنر الروسية لتوظيف مرتزقة لمحاربة الميليشات الإسلامية في مالي، وهو ما يعزز الاحتمالات، بقيام شركة فاغنر الروسية باستغلال التطورات السياسية قرب إجراء الانتخابات الليبية، لسحب مئات من عناصرها في المنطقة الشرقية في ليبيا والدفع بهم إلى مالي المجاورة كـ وضع وسياسة روسية جديدة.
فـهل أمام الانتخابات في موعدها المحدد تحدي القوات الأجنبية والمرتزقة فقط؟ أم هناك تحديات من نوع آخر، ومنها تسويف بعض القوى التي تحاول عرقلة إصدار القوانين الخاصة بالقاعدة الدستورية، وقانون الانتخابات وخاصة العراقيل السياسية التي يضعها المجلس الأعلى للإخوان وعلى رأسهم خالد المشري؟ أم أن التفاهمات التركية الروسية المصرية، ينجم عنها جزر المشري عن المزيد من العبث الصبياني اللا مسئول والمقبول.
والخلاصة.. هل انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة، سيمهد فعلا للعملية السياسية وفق مخرجات جنيف وبرلين وتونس؟ ثم ماذا عن الميليشيات المحلية هل ستفكك على غرار خطوة اخراج القوات الأجنبية والمرتزقة دعما لتهيئة الأجواء الصحية للدخول في مرحلة الاستحقاق الانتخابي في شهر ديسمبر القادم 2021 بدون “منغصات وضغوط وترهيب” للتأثيرعلى اتجاهات الناخب الليبي؟! أسئلة مشّرعة ابوابها أمام كل الاحتمالات والمفاجآت.