ماذا يدبر عقيلة صالح والإخوان، للمحكمة العليا ودائرتها الدستورية

المناورات السياسية إلى جانب المناورات العسكرية، صانعًا رئيسيًا للأحداث في ليبيا، والان اضاف ادوات اللعبة السياسية عنصرا اخر لتحصين اللعبة السياسية وكانت آخر تلك المناورات السياسية هي ما شهدته الساحة السياسية التحالف القائم حاليًا بين « عقيله صالح. وحفتر، من جهة والإخوان صوان والمشري من جهة أخرى »، مما أدى لإنشاء وتكوين حكومة فتحي باشاغا المرتقبة.
امتدت تلك المناورات في الآونة الأخيرة لتضم ترتيبات جديدة بهدف تثبيت ادوات اللعبة في الساحة السياسية الليبية، لصالح أطرافًا بعينها دون الارتباط بإرادة الشعب الليبي.
فقد كشفت مصادر مطلعة عن ترتيبات بين عناصر الإخوان وعقيلة صالح وعلى رأسهم الإخواني محمد صوان وخالد المشري
ليأتي القضاء الليبي في مقدمة استهدافات تلك الترتيبات، عبر تسييسه وإحداث شروخ ببنيته العدلية، بما يؤدي لضرب آخر ملاذ لدى الليبيين يمكنه أن يضع حدًا لفوضى تنازع ما يسمى بالشرعيات، وتضارب إصدار القوانين والقرارات العشوائية، التي تغذي الاستئثار بالسلطة إلى أمد طويل.
وفي حين كان القضاء « الشفاف » هو الضمان الوحيد لتحصين قوة الدولة، ووضع حد لتنازعات المؤسسات والقوى الأخرى ما بين تشريعية وتنفيذية، فقد كان الاتفاق بين عرابي اللعبة السياسية، على إحداث صراع داخل المؤسسة القضائية، للزج بها في آتون اللعبة السياسية، عبر تسييسها وتمريغها في مستنقعهم لتصبح محل شكوك عند الشعب الليبي متى ما تشوهت بلعبة الاصطفافات النفعية
والتخلص من رهاب المحكمة العليا والذعر من دائرتها الدستورية التي تفعلت مؤخرا .
ولتنفيذ الاتفاق بين المتآمرين على الشعب الليبي، فقد أقدم عقيلة صالح على تعيين مجموعة من المستشارين، بالتنسيق مع المشري بعناية خاصة، ليضرب بذلك عرض الحائط قرارات المحكمة العليا التي عينت من جانبها مستشارين آخرين.
ويمضي عقيلة صالح في مخططه بعد ذلك إلى أبعد ما يكون، حين أصدر قرارًا بنقل مقر المحكمة العليا من طرابلس إلى مدينة البيضاء.
تلخص هدف عقيلة صالح من وراء ذلك إلى السيطرة وتوجيه المؤسسة القضائية، وفقًا لمصالحه ومصالح حلفاء الدم الإخوان و حفتر بما يضمن لهم تحصين الإجراءات التي يقوم بها المتحالفون، في حال قامت انتخابات رئاسية أو برلماينة، حتى تكون الدائرة الدستورية بالنهاية تصدر أحكامًا لا تقصيهم من الانتخابات القادمة، وبالأخص أن كافة تلك الوجوه أدمنت سلطة الكراسي لها ملفات ثقيلة من العبث والفساد السياسي والمالي والاجرامي الجنائي خلال عشرية السنوات الماضية
ظاهريا لم يبارك الإخوان خطة عقيلة صالح «ضمن تكتيك تبادل الأدوار والمواقف»، وظهر ذلك جليًا، عندما أبلغ المشري محمد الحافي، رئيس المحكمة العليا، بعدم الاعتداد بقرارات عقيلة صالح، الخاصة بتعيين مستشارين للمحكمة العليا، ونقلها لمدينة البيضاء.
وبالتزامن مع ذلك تم اتخاذ هذه الإجراءات بعد أن تم تفعيل «الدائرة الدستورية»، التي من شأنها صلاحية إصدار الأحكام نقض قوانين المشرع والمنفذ ، وتحجيم المؤسسة التشريعية «البرلمان» والمؤسسة التنفيذية «الحكومة»، وكذلك المجلس الأعلى للإخوان في حال استمراره كجسم سياسي بليبيا.
ولهذا فقد سعى الإخوان مع عقيلة صالح، لدق إسفين الصراع، داخل المؤسسة القضائية، ليكتمل بذلك الخريب بعد تخريب المؤسسات التشريعية والتنفيذية واستنزافها في صراعات، لا نهاية لها.
وبمجرد إبداء المحكمة العليا، جزءًا من صلاحياتها، استشعرت هذه الأطراف الخطر القادم والذي بإمكانه إحراجهم وإحراج حتى الأطراف الداعمة لهم خارجيا.
وعلى الفور اتجهت تلك الأطراف إلى إفتعال صراع داخل المؤسسات القضائية بقصد تفريغها من محتواها باعتبارها ملاذ أخير للشعب الليبي «يمكن أن يحجم حالة الصراع المزمنة، داخل الأطر التشريعية والتنفيذية، والقضاء على مصدر تهديد محتمل للعبث القائم في ليبيا».
ولذا فقد حاول هؤلاء المتآمرين، الحفاظ على إدمانهم كهواة للعبة السياسية، من خلال تمسكهم بكراسيهم السلطوية، وهنا كان لزامًا عليهم أن يُدخِلوا السلطة القضائية في آتون الفوضى، عبر تحييدها، وإحداث صراعات سياسية داخل الأجسام القضائية، بما يحقق لهم خلو الساحة من أي تهديد محتمل.
ويضمن لهم كذلك توجيه القضاء وفقًا لأهدافهم الشخصية، والسياسية، التي تخدم ارتباطاتهم.
ومن جهة أخرى يقضي على مخاوفهم في حالة فقدان صناديق الاقتراع بالانتخابات القادمة سواء كانت برلمانية أم رئاسية، وتبقى لهم المحكمة العليا والدائرة الدستورية ضمانًا، لنقض أي نتائج انتخابية ليست في صالحهم.
عبى إبعاد وإقصاء أي منافسين لهم، ولذا كان لزامًا على عقيلة صالح، السيطرة على مكمن الخطر، عبر وضع يده على المحكمة العليا، من خلال تواجدها بشرق ليبيا في مدينة البيضاء.