الصحيحين

درر من أقوال الحبيب _ ” صل الله عليه وسلم “

قورينا

عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه فقال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
” إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ”
*رواه مسلم
قال النووي رحمه الله ..
قوله : ( ومنا من ينتضل ) هو من المناضلة ، وهي المراماة بالنشاب .
قوله : ( ومنا من هو في جشره ) هو بفتح الجيم والشين ، وهي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها .
[ ص: 544 ] قوله : ( الصلاة جامعة ) هو بنصب الصلاة على الإغراء ، وجامعة على الحال .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا ) هذه اللفظة رويت على أوجه : أحدها وهو الذي نقله القاضي عن جمهور الرواة : ( يرقق ) بضم الياء وفتح الراء ، وبقافين ، أي : يصير بعضها رقيقا ، أي : خفيفا لعظم ما بعده ، فالثاني يجعل الأول رقيقا ، وقيل : معناه يشبه بعضها بعضا ، وقيل : يدور بعضها في بعض ، ويذهب ويجيء ، وقيل : معناه يسوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها ، والوجه الثاني ( فيرفق ) بفتح الياء وإسكان الراء وبعدها فاء مضمومة ، والثالث : ( فيدفق ) بالدال المهملة الساكنة وبالفاء المكسورة أي : يدفع ويصب ، والدفق الصب .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ) هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ، وبديع حكمه ، وهذه قاعدة مهمة فينبغي الاعتناء بها ، وأن الإنسان يلزم ألا يفعل مع الناس إلا ما يحب أن يفعلوه معه .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ) معناه : ادفعوا الثاني ، فإنه خارج على الإمام ، فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فقاتلوه ، فإن دعت المقاتلة إلى قتله جاز قتله ولا ضمان فيه ، لأنه ظالم متعد في قتاله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى