الهوية الليبية في خطر”..بقلم: سيد العبيدي

تواجه الدولة الليبية الآن أسوأ حقبة في تاريخها المعاصر، حيث أنها لا تقل خطورة عن حقبة الاستعمار الإيطالي التي كانت تخطط لطمس الهوية الليبية، وإحداث تغير ديموغرافي للتركيبة السكنية على حساب الوحدة الوطنية، ووحدة الدولة ونسيجها الاجتماعي، الأمر الذي يضع جميع أطراف الصراع موضع المسئولية الأخلاقية والوطنية والسياسية والأمنية، للحفاظ على هوية الشعب ومستقبل الأجيال القادمة.
مؤخراً وافق عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية على منح الجنسية الليبية لـ 130 طلبًا مقدمًا، والمحالة أسماؤهم من مصلحة الجوازات والجنسية، وقد أثار هذا القرار حفيظة الليبيين، الذين اعتبروه تهديداً مباشراً لوحدة التراب الليبي وضربه موجه للنسيج الاجتماعي من أجل الفوز في الصراع السياسي الحالي.
ودعا الشعب الليبي الأجسام السياسية في البلاد وعلى رأسها المجلس الرئاسي ومجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الأعلى للدولة والنائب العام، إلى تحمل المسؤولية إيذاء هذه القرارات التي وصفوها بالغير مدروسة والتي صدرت في إطار الصراع بين القوى المتطلعة للسلطة في شرق ليبيا وغربها، على حساب وحدة ليبيا ومستقبل شعبها الذي يعاني غياب العدالة وفقدان القرار السيادي والتعبير عن الرأي بديمقراطية.
ويعتبر الجنوب الليبي نموذجاً حيا لما يحدث من محاولات مستمرة لضرب التركيبة السكانية الليبية من خلال تغول المليشيات التشادية على الأراضي الليبية وعدم قدرة القوات الليبية على صد تلك الهجمات المتكررة من هذه المليشيات وعناصر تنظيم داعش وعصابات التهريب والتنقيب عن الذهب والتي أمتدت مؤخراً حتى حدود النيجر وتشاد وجنوب الجزائر.
وبالرجوع إلى سبب هذه الكارثة تتحمل قيادات 17 فبراير، نتيجة ما آلت إليه الأمور في ليبيا طيلة عشر سنوات، نظرا لغياب الرؤية والإستراتيجية، والسماح للتدخل الخارجي بالعبث بمقدرات الشعب وتقرير مصير البلاد وارتهان قرارها السيادي بيد القوى الأجنبية.
كما تعد الأطماع السياسية والمصالح الخاصة عامل رئيسي في هذه الأزمة التي وقع جميع أطرافها تحت تأثير القرار الأجنبي، كما أن ضعف وجهل قوى فبراير الذين تعاقبوا على حكم ليبيا من بعد 2011، بأساليب إدارة الدولة الليبية عزز من حجم المرامرة ودفع القوى الخارجية إلى ممارسة أدوار أساسية في رسم مستقبل البلاد والاستحواذ على ثرواتها من النفط والغاز والمعادن والذهب، بينما الشعب يعاني الفقر والتهميش