ثقافة وأدب

 جزء من قصة حوش عربي

للقاصة سعاد الورفلي

فكرت كثيرا وأنا أتجول بين أزقة المدينة، في أولئك الذين يتربعون على نواصيها، اختلطت معالم وجوههم بعلامات الانتظار، انتظار شيء ما، والقلق كان يسحب ظلاله شيئا فشيئا، تبدو أياديهم متيبسة تكاد العروق أن تنفجر، كانت هناك امرأة لفت نفسها بملاءة سوداء بينما ظهر كفها مخضبا بحمرة تميل لغلبة داكنة بين سواد واحمرار، نصف أظافرها مقصفة، جسمها مدور، حين اقتربت منها وجدت روائح الدلكة الشعبية، والقرنفل وزيت الحناء، رجعت بي إلى أيام خوال، تذكرت يوم عرس إحدى صديقاتي، كانت تكره الموروث الذي يشد الأنثى من ضفائرها، ويجعلها تنتقع في الروائح الشعبية لتذهب منتفخة كحبة الحمص إلى زوجها فيكتسب منها تلك الرائحة طيلة أسبوع كامل، أخبرتني أن حبيبها يكره رائحة الحناء ومسك جداتها، ويعشق الحرية، ضحكنا سوية لطخت وجهي بعجينة الحناء وسكبت عليها ماء الورد وغبنا في قهقهات صارت ذكرى تحيطنا أسوارها كلما وجدت أكياس الحناء تملأ أرفف العطارات ومحلات العرائس، دنوت منها وسألتها”ماذا تبيعين”؟

أخرجت من جانبها “صرة “مزركشة” أشياء كثيرة؛ سواكحناءعشبة الزنجبيل الخضراء، مسحوق مسك الغزال، دلكة العروس، خيوط النيرة، “خلالات الفجرة، الودعة، عقد القرنفل، لويزة الشفايف، زيوت من زيوت الشعر إلى الجسد إلى زيوت العلاج والشراب، ماء ورد، ماء الزهر، روح الورد، روح الخل، لوبان مر ، لوبان ذكر…. قاطعتها: في لوبان أنثى؟

لم تعترض ظهر نصف وجهها، كان الوشم واضحا يشق ذقنها، امتد من تحت شفتها السفلى كخط الطول شاقا عرض ذقنها الممتلئ، مدت كيسا فيه لوبان يلمع لونه، قالت :هذا لوبان أنثى ، لوبان حلو….

أرادت أن ترضيني، فاحتالت بإجابتها كما احتلْتُ بسؤالي، كعادتي الماكرة حين أجد كل شيء؛ أبحث عن اللاشيء!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى