ثقافة وأدب

القصّة القصيرة .. بعنوان شيخوخة

كاد يسقط، تلقفته بكلتا ذراعيها . . ترنحت قليلًا ثمَّ تماسكت . . التقطت التقارير المبعثرة، وشظايا نظارته الطبية . . قال :
– تهشمت ؛ لن أرى من دونها .
– سنشترى أخرى .
– ماتبقى من نقود بالكاد يكفي متطلبات الفحوصات و الأدوية .
– ستتدبر .
– تذكري أيضًا تكلفة الإقامة إلى حين العودة .
تنهد بحسرة :
– و سداد ما اقترضناه فور رجوعنا . . معاشي التقاعدي لا يغطي كل هذا .
غيّرت مسار الحديث قائلة :
– اتَّكِئ على كتفي .
ارتسمت على شفتيه ابتسامة باهتة :
عرفت سرّ انبعاثها . . لابد أنه تذكر . . الجملة نفسها؛ تلك التي سمعتها تخرج من بين شفتيه. . أول أيام شهر العسل . . بعد وصولهما إلى القاهرة . . قبالة الأهرامات . . انطلقت مهرة جذلى . . همّت بركوب الجمل . . الريح داعبت جدائل شعرها . . انزلقت قدمها . . قبل أن تسقط؛ باغتها بساعده القوي . . المصوّر الجوال حنّط اللحظة . . طوال اليوم ينظران إلى الصورة . . يتندران بالموقف . يقهقهان بجنون . . يا للزمن . .
انتبهت حين تمتم من وراء لهاثه الضعيف :
– لا أستطيع مواصلة السير .
– تماسك قليلًا . . وصلنا إلى المقهى . فلنجلس لنرتاح .
قرّب رأسه منها . . همس :
– قشعريرة . . كأن بللًا طال بنطلوني.
– لا تقلق ياعزيزي، عامل التنظيفات يغسل الأرضية . . أنا أيضًا اعترتني البرودة .
– مسّدت يده بحنو . .
أدارت رأسها . . شرعت تصيح :
– أغرقتنا يا رجل . . احترس . . اجذب الخرطوم إلى الناحية الأخرى .
لفت صوتها انتباه الجالسين، تطلعت إليهما الأعين . .
لم يكن هناك أحد يرش الماء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى