ويليامز: قرار الليبيين بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار إشارة بأنهم وصلوا إلى الحضيض.. وما يريده المواطن هو الذهاب إلى صناديق الاقتراع

اعتبرت المبعوثة السابقة للأمم المتحدة إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، أن السبب الذي حطم الإجماع الدولي بشأن ليبيا ولا سيما داخل مجلس الأمن، هو الهجوم الذي وصفته بـ “الرهيب” على طرابلس في 2019م.
وأكدت ويليامز في تصريحات لصحيفة “جنيف سوليوشنز” السويسرية، ترجمتها “أوج”، وطالعتها «قورينا» أن عملية الفوضى في ليبيا بدأت في الفاتح/سبتمبر 2019م مع الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر برلين، مشيرة إلى أن المدافع صمتت بعد الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار.
وأضافت: “زودنا برلين بالمسارات الثلاثة في عملية السلام العسكري والسياسي والاقتصادي، والتي ساعدتنا في التركيز على الليبيين أنفسهم”، لافتة إلى أن الاجتماعات المكثفة حول ليبيا بلغت ذروتها في اجتماع منتدى الحوار السياسي الليبي في جنيف 2021م والذي نتج عنه تشكيل حكومة الوحدة المؤقتة.
وأشارت ويليامز إلى أنها اعتبرت قرار الليبيين بالجلوس وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار، بمثابة إشارة إلى أنهم وصلوا إلى الحضيض بعد أكثر من 9 سنوات من الصراع المستمر والانقسام، مؤكدة أن الليبيين شعروا أن ليبيا تنزلق بعيدا وأنهم يفقدون سيادتهم مع هذا التدخل الأجنبي المذهل في البلاد.
ونوهت إلى أنه كان واضحًا جدًا لها عندما اجتمع العسكريين في أكتوبر 2020م أنهم كانوا مستعدين للتحدث، لأنهم قبل تلك النقطة لم يلتقوا أبدا في نفس الغرفة، مردفة بقولها: “عندما اضطررنا للذهاب إلى مفاوضات افتراضية بسبب وباء كورونا رفضوا الالتقاء بالكاميرا، وعندما اجتمعنا في جنيف التقوا على الفور معا وطلبوا بالفعل الاجتماع بمفردهم، وهو أمر رائع أن تراه كوسيط”.
ولفتت إلى إن هذا التجمع كان الأكثر إثارة للجدل لأنه كان هناك مشاركين تم اختيارهم مباشرة من قبل مجلسي “النواب والدولة”، مبينة أنه عندما يكون هناك أشخاص يتخذون مثل هذه القرارات المهمة، فسيكون هناك دائمًا جدل حول الانتخابات.
وأوضحت ويليامز، أنها استفادت من هذه اللقاءات الافتراضية للقيام ببعض الأشياء وأنشأت ثلاثة مسارات فرعية للحوار السياسي، حيث أنشأت مسارا فرعيا للمرأة، ومسارا فرعيا للشباب، ومسارا فرعيا للمجالس البلدية.
ونبهت ويليامز، إلى أن هناك في ليبيا أكثر من 100 بلدية، وبطبيعة الحال لم يتم دعوة جميع رؤساء البلديات إلى الحوار السياسي، مشيرة إلى أن أصوات رؤساء البلديات كانت بحاجة إلى أن تُسمع لنقل ما يفكر به ناخبوهم ويتوقعونه من هذه العملية السياسية.
وبينت أن الشباب قدموا في الحوار أسئلة يرغبون في طرحها على المرشحين الذين تم ترشيحهم لخوض انتخابات الحكومة الجديدة ومجلس الرئاسة، مؤكدة أن الأسئلة ساعدتهم في تأكيد القضايا الأساسية التي أراد الليبيون معالجتها.
وذكرت أن الاقتصاد كان على رأس قائمة القضايا، وكذلك المصالحة الوطنية، والمساءلة والشفافية، والتوزيع العادل للموارد، والقيام بعملية جادة لإصلاح قطاع الأمن، بما في ذلك تفكيك الجماعات المسلحة.
وشددت ويليامز، على أن الرغبة في الانتخابات كانت واضحة للغاية، بقولها: “أجرينا اقتراعًا موضعيًا خلال الحوارات الرقمية، وكان 80 في المائة على الأقل من الذين شملهم الاستطلاع يريدون انتخابات وطنية”.
وأردفت بأنه عندما تمت الموافقة على الانتخابات في 24 الكانون/ديسمبر من هذا العام، قوبلت بتصفيق ساحق وحماس من الليبيين، مضيفة أنها حاولت أن تُدير عملية شفافة بقدر ما تستطيع، وتتواصل باستمرار مع كل المشاركين والجمهور الليبي.
وكشفت ويليامز، أنهم عملوا في الحوار السياسي على جلب مجموعات مختلفة إلى طاولة المفاوضات، وخاصة النساء، لافتة إلى صعوبة الأمر بقولها: “كان علينا أن نقاتل في كل خطوة حتى تكون النساء على الطاولة”.
وحول تأكيدها طوال فترة عملك كوسيط على ضرورة أن تكون العملية بقيادة ليبية ومملوكة ليبيين، قالت ويليامز: “كان من الصعب ضمان أن تكون العملية التي تيسرها جهة دولية خارجية مثل الأمم المتحدة مملوكة محليًا وشاملة، هذه هي الطريقة التي نحافظ بها على المضي قدما في العملية حتى تتمكن في النهاية من الوصول إلى الانتخابات الوطنية التي ستؤدي بعد ذلك إلى تشكيل حكومة ينتخبها الشعب الليبي”.
وبرأيها فليس هناك نهجًا واحدًا يناسب الجميع، ولكل سياق خصائصه الخاصة، مشيرة إلى أن النهج الذي اتبعته هي ومبعوث الأمم المتحدة السابق غسان سلامة في ليبيا كان له ثلاثة مبادئ أساسية.
وتابعت: “كنا نعتقد أن الأمم المتحدة بحاجة إلى أن تكون في مقعد القيادة في الوساطة في العملية السياسية لأن الأمم المتحدة كانت الفاعل الأكثر حيادية”.
وأكملت: “كما اعتقدنا أن الأمم المتحدة بحاجة إلى وضع مصالح الشعب الليبي فوق مصالح الأطراف الأجنبية التي تسعى كل منها لتحقيق مصالحها”.
واستطردت بأنه يجب وضع مصالح المواطن الليبي العادي فوق مصالح الطبقة الحاكمة الليبية، التي تضم فاعلين سياسيين واقتصاديين وعسكريين.
وتطرقت ويليامز إلى أنه لم يكن بإمكانها فعل أي شيء بدون الدعم، وأنه كان لديها فريق أساسي رائع في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، منوهة إلى أنه بمجرد أن بدأت الأمور في الفاتح/سبتمبر والتمور/أكتوبر 2020م، لم يكن لديها يوم عطلة واحد، وعمل الفريق بشكل مستمر، ليلا ونهارا، بما في ذلك أعياد الميلاد.
وواصلت: “عليك التأكد من الحفاظ على الزخم، لأنه في اللحظة التي تتوقف فيها مؤقتًا سيدخل المخربون إلى المشهد ويحاولون تحويل العملية، وخلق أكبر قدر ممكن من الفوضى؛ كنا نعتقد أن هناك لحظة يجب أن نستغلها لصالح الشعب الليبي الذي يستحق قدراً من السلام والأمن والازدهار”.
وأفادت ويليامز بأن المهاجرين واللاجئين هم الفئة الأكثر ضعفاً في ليبيا، وكانوا يتعرضون للانتهاكات على أيدي عناصر الجماعات المسلحة.
وجددت تأكيدها بأن المهم الآن هو أن وقف إطلاق النار صامد وأن هناك رغبة أساسية بين الليبيين للعمل من خلال القضايا التي لديهم، وأن النفط لا يزال يُنتَج، بينما كان أثناء الصراع يُستَخدَم كسلاح مما خلق مصاعب كبيرة.
وأشارت إلى إجراء تدقيق دولي تحت إشراف الأمم المتحدة لفرعي المصرف المركزي تم الانتهاء منه مؤخرًا، مؤكدة أنه يتم حاليًا تنفيذ توصياته.
ولفتت إلى أن هذا التدقيق كان مهمًا لأنه يوفر الشفافية والمساءلة حول كيفية إدارة موارد الدولة وتوزيعها.
وترى أنه كان من الجيد جدًا أن ليبيا تمكنت من استضافة مؤتمر دولي ضخم في طرابلس مؤخرا، شارك فيه عشرات الوفود الدولية.
واختتمت بالتأكيد أن هناك الكثير من التقدم الذي يتم إحرازه، لكن لا ينبغي أن يغيب عن بالنا حقيقة أن ما يريده المواطن العادي هو أن يكون قادرا على الذهاب إلى صناديق الاقتراع وانتخاب حكومته.