قصة من التاريح

هدهد سليمان

قورينا

كان سيّدنا سليمان بن داوود -عليه السلام- نبيًّا من أنبياء الله تعالى مثل والده، وقد ورثَ عن والده ملكًا عظيمًا وسخَّر له الله تعالى الجنَّ والريح، وقد علَّمه الله تعالى منطقَ الطيور والحديث إلى الحيوانات، فكان يفهمُ لغةَ الحيوانات بما أعطاه الله تعالى من سعةٍ في العلم والبصيرة ويفهمُ ماذا تريدُ منه الطيور إذا صدحت بأصواتها، وكانت الطيور تطيعه وتسمعُ أوامره وهذه أيضًا من النعم العظيمة التي أنعم الله تعالى عليه بها.

 وله قصص كثيرة مع الحيوانات منها قصة هدهد سليمان -عليه السلام-، ففي يوم من الأيام جمعَ سيدنا سليمان -عليه السلام- جميع الطيور حوله وبدأ يتفقدهم واحدًا واحدًا، ولاحظَ أن الهدهد غير موجود بين الطيور،  ومن هنا تبدأ قصة هدهد سليمان حيثُ غضبَ سيدنا سليمان -عليه السلام-؛ لأنَّ الهدهد غابَ عن هذا الاجتماع دون عذرٍ وتوعَّده بعقابٍ شديد قد يصلُ إلى الذبح إذا لم يكن له عذرٌ واضح وقوي.

،وقد ذكر الله تعالى ذلك في قوله: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ، وبعد أن علم الهدهد بذلك عاد إلى سيدنا سليمان حتى يبرِّر غيابه، قال تعالى: {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ}، فأخبره أنَّه وجدَ قومًا في منطقة يقال لها سبأ وهي في أرض اليمن حاليًا في جنوب شبه الجزيرة العربية تحكمهم امرأةٌ.

 وتقودُ هذه المرأة جيشًا عظيمًا هناك وعندها كل ما يحتاج إليه الملوك من متاع وقوة ومال وسلاح، ولكنَّ الخبر الأكثر أهمية هو أنَّهم كانوا يعبدون غير الله تعالى ويسجدون للشمس من دون الله -جلَّ وعلا-، قال الله تعالى في ذلك: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شيء وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ}.

 عند ذلك ذهب الغضب عن سيّدنا سليمان لأنَّ هذا الأمر خطير، فهناك قوم يسجدون للشمس من دون الله على هذه الأرض وهذا الهدهد هو الذي وجدهم، فكتبَ سيدنا سليمان رسالةً إلى ملكة سبأ يدعوها فيها إلى الإيمان بالله هي وقومها، وأمر الهدهد أن يلقيها على قصر ملكة سبأ دون أن يشعرَ به أحد، وقال له: سنتأكدُ من صدقك ونرى أصدقتَ أم كنت من الكاذبين؟، فذهب الهدهد وألقى الرسالة كما أمره سيدنا سليمان.
وعندما قرأت ملكة سبأ الرسالة جمعت قومها وأخذت مشورتهم ثمَّ قررت أن ترسل هدية إلى سليمان لترى كيف سيتعامل معها، وعند ذلك تأكد سليمان من صدق الهدهد، ولكنَّ سليمان -عليه السلام- رفض الهدية ودعا بلقيس ملكة سبأ وقومها إلى الإسلام، فقبلت ذلك وجاءت إليه مسلمةً هي وقومها بعد ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى