نفيسة قادن .. أم المماليك

حاربت جنود الاحتلال الفرنسي فكأفاها محمد على باشا بالسجن ، كانت المرأة فائقة الجمال فاحشة الثراء التى ماتت عجوز فقيرة تعيش على صدقات المحسنين.
انها أشهر سيدات الأعمال فى مصر خلال العصر العثمانى والتى استطاعت بمفردها إدارة ثروة تقدر بمليارات الجنيهات فى عصرنا الحالى.
نفيسة قادن … أم المماليك ، او التى يحلو للبعض ان يطلق عليها اسم نفيسا البيضا….ورثت الدهاء وفن التعامل والإدارة من زوجيها السابقين …. على بك الكبير و مراد بك …
كانت هى المصدر المالى الوحيد الذى اعتمدت عليه زوجات الامراء المماليك بعد مقتل ازواجهم وفرار البعض فى اعقاب معركة بولاق والاهرام مع جنود الاحتلال الفرنسي.
وأعلنت دقات ساعة نفيسا البيضا نهايتها بعد أن وضع الباشا محمد على قدمه فى قلعة الجبل ، ولم تعلم تلك المسكينة بأن الباشا بعد وصوله الى سدة الحكم يسهر الليل مع النهار ليحيك المكائد والخطط المحكمة، للإنفراد بالسلطة المطلقة فى ربوع المملكة المصرية.
وضع الباشا اسم نفيسا فى الاچندة السوداء ضمن خطته للقضاء على كل من يمكن أن يعلو صوته على صوت قلعة الجبل.
ومنعا لتضييع الوقت بعيدا عن خطة الإنفراد بالحكم ..تتجه قوة من الجنود الاقوياء ناحية الازبكية حيث بيت نفيسا ، وتفأجا أم المماليك بجنود الباشا فى باحة بيتها مدججين بالسلاح.
نظرات الذهول تراود نفيسا ، إلا ان هذا الأمر لم يدم إلا لثوان معدودة ، حيث اقتاد جنود الباشا نفيسا فى عربة مغلقة الستائر تجرها امهر واسرع الخيول المدربة فى اصطبلات قلعة الجبل.
يسرع موكب العربات الذى يحيط بعربة نفيسا إلى حيث المجهول ….. و إذ فجأة يتوقف الموكب …
يفتح الحارس باب عربة نفيسا فنزلت منه متوجسة من المصير القادم …. لتجد نفسها امام بيت السحيمى الكائن فى قصبة المعز ….
كان هذا هو مقر الإقامة الجبرية لنفيسا لتكون بعيدة عن اعين العامة ولمنع اى شكل من اشكال التواصل مع اى شخص يحمل صفة مماليك .
وفى الخارج يقوم الباشا بمصادرة جميع ممتلكات واموال البيضا لتحريدها من اى مصدر تمويل …
وفى يوم من الأيام تحاول نفيسا الفرار من الحياة الجبرية ببيت السحيمى إلا ان المحاولة باءت بالفشل ….
تمر الايام بنفيسا فى بيت السحيمى تعانى مرض الوحدة والعزلة، فبعد إن كانت من اصحاب الثروات ويعمل تحت امرتها المئات من الخدم والجوارى ، أصبحت تعد كل شئ بنفسها وتنظف بنفسها بل وكانوا يطلبون منها القيام ببعض الاعمال اثناء فترة النهار….
تمر السنون ويزحف المرض على جسد نفيسا واصبحت لا تقوى على شئ ، فسمح لها الباشا بالخروج من بيت السحيمى والعيش فى بيت زوجها السابق على بك الكبير….
واعتقد ان الباشا كان يعلم ان نهايتها اصبحت وشيكة فقد اصبحت هزيلة وعجوز فقيرة دب المرض فى حميع انحاء جسدها ، ولذلك سمح بتقضية البقية الباقية من حياتها فى بيت زوجها السابق .
لم يدم بقاؤها فى بيت على بك الكبير كثيرا ، فقد صعدت روحها إلى بارئها يوم الخميس 19 إبريل عام 1816 ، بعد حياة بدأت بالترف والملذات وانتهت بالفقر والشقاء ….