دولي

ماذا حدث.. أسرار ما سمي بالربيع العربي.. هل المخابرات المركزية الأمريكية كانت الثائر الأول؟ 2-3

هيلاري كلينتون: حذرنا الأنظمة العربية من مصيرها المحتوم في 2010

كنا موجودين في ثورات الربيع العربي وقطر رعت ندوات التغيير!

————

لم تكن ثورات ما سمى تضليلا بالربيع العربي، سوى ثورات مخابراتية أنفقت عليها مليارات الدولارات لإسقاط الأنظمة العربية القوية.

 ويواصل د. أحمد بن سعادة في كتابه، أرابيسك أمريكية استعراض باقي فصول المؤامرة..

ويتطرق المؤلف إلى تعامل وسائل الإعلام الغربية التي راحت تصور ما يحدث على أنه يمثل حراكاً شعبياً وتلقائياً. في الحقيقة قد كانت تلك “الثورات الملونة” التي اجتاحت الدول الشيوعية السابقة في وسط وشرق أوروبا ووسط آسيا نتاج خطة استراتيجية تداخلت فيها أجهزة المخابرات والدوائر الدبلوماسية ووسائل الإعلام وقد كانت رأس الحربة في تنفيذ تلك الاستراتيجية منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأمريكية – مثل (الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية) (USAID) – و(الصندوق الوطني للديمقراطية) (National Endowment for Democracy) و(المعهد الجمهوري الدولي) (IRI) و(المعهد القومي الديمقراطي) (NDI) – وهي نفس الأطراف التي نشطت في الدول العربية قبل اندلاع شرارة ما يسمى “الربيع العربي”. وقد تولت المؤسسات والمنظمات الأمريكية تمويل “الثورات الملونة” تحت شعارات متعددة مثل (أتوبور) (Otopor) – أي المقاومة – في صربيا و(كمارا) (Kmara) (كفى) في جورجيا و(بورا) (PORA) (حانت الساعة) في أوكرانيا و(كلكل) (kelkel) (النهضة) في كيرغيزيستان. لقد رفعت شعرات مشابهة، إن لم تكن مماثلة ومتطابقة في الدول العربية التي عمتها الاضطرابات خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ففي تونس رفع شعار (أرحل) (Degage) فيما رفع شعار (كفاية) (Kefaya) في مصر، مع قبضة يد في الهواء شبيهة بشعار (Otopor) ما يوحي بأن هناك خيطاً يربط بين كل هذه “الثورات”.

ويقول الدكتور أحمد بن سعادة: لم يكن من قبيل الصدفة أن تقوم شركة مقرها في ولايات ماساشوست الأمريكية بتصميم برنامج جديد يعرف باسم (تور) (TOR) وهو يسمح للنشطاء الذين يدورون في فلك الولايات المتحدة الأمريكية بالإبحار في الشبكة العنكبوتية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعية مع الحفاظ على السرية الشخصية الكاملة وقد وضعت هذه التقنية الجدية على ذمة النشطاء الذين يسعون لإسقاط النظم الدكتاتورية في بلدانهم، ويؤكد المؤلف بالدليل القاطع أن نفس هذه الشركة الأمريكية هي التي ساعدت النشطاء في تونس ومصر وبقية البلدان العربية على كسر الرقابة التي تفرضها بلدانهم. بل إن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون قد أعلنت في يناير 2010 تخصيص مبلغ 30 مليون دولار أمريكي للشركات المتخصصة في صنع البرمجيات لمساعدة منظمات المجتمع المدني والنشطاء المعارضين، الذين يعيشون في ظل أنظمة استبدادية على كسر الرقابة وتشفير رسائلهم ومحو آثارهم حتى يصعب بعد ذلك على الأجهزة المختصة في بلدانهم تعقبهم. وقد تولت الأجهزة الفيدرالية الأمريكية توزيع هذه البرمجيات مجاناً على النشطاء العرب – من المحيط إلى الخليج – بعد ترجمتها إلى لغتهم الأصلية وقد دافعت سلطات واشنطن عن موقفها ورفعت شعار “انترنت حرة رغم الرقابة”.

ولم يعد يخفى على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت تراهن على جماعة الاخوان المسلمين التي تعتبرها ملائمة لسياستها الخارجية، كما أن الإدارة الأمريكية تعتبر أن “الثورات العربية” تصب في رؤيتها الاستراتيجية الرامية إلى “إعادة تشكيل الشرق الأوسط الكبير”. منذ شهر سبتمبر 2011 أنشئ في العاصمة الأمريكية واشنطن مكتباً خاصاً بالمنسق الأمريكي الخاص بعملية الانتقال في “الشرق الأوسط” وقد عين على رأسه (وليام تايلور) وهو دبلوماسي يكاد يكون متخصصاً في “الثورات” وقد عمل سفيراً للولايات المتحدة الأمريكية في أوكرانيا خلال “الثورة البرتقالية” ما بين عامي 2006 و2009.

 انتهى كلام بن سعادة.

لكن لم تنته المؤامرة، فعندما جاءت إدارة الرئيس باراك أوباما في 2009م إلي سدة الحكم، انتهجت أسلوباً استراتيجياً مختلفاً، عما كان عليه “المحافظون الجدد” من ناحية تطبيق “القوة الذكية” (Smart Power)، التي كانت بمنزلة عامل مساعد لتطبيق القوة الناعمة، تجاه الشرق الأوسط، فكان من بين الأهداف الرئيسة للقوة الذكية،هي إنهاء عسكرة السياسة الخارجية، وإعادة الاعتبار للقوة الناعمة، وهذا ما صرح به وزير الدفاع السابق “روبرت غيس” Robert Gates، الذي دعا إلى “تكريس المزيد من المال والجهد لتنمية القوة الناعمة، وقد أشار أيضاً إلى أن المؤسسة العسكرية، وعلى الرغم من أنها تتمتع بقدرة هائلة، فيما يتعلق بالقوة العسكرية، إلا أن الركون إلى وزارة الدفاع بحجة قدرتها على تحقيق الأهداف، لابد من أن يشوه صورة السياسة الخارجية الأمريكية” .

وعليه اتجهت الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل إدارة أوباما إلى القوة الناعمة، التي ستمكنها من تنفيذ المخططات بالكامل، دون أي خسائر مادية ومعنوية، وهى ذات الفكرة، التي طرحها “ماكس ماردونيت” أستاذ البحوث الاستراتيجية العسكرية والمتخصص بالأمن القومي الأمريكي والعمليات العسكرية وغير العسكرية عندما يقول :لم نعد نرسل قوات نظامية خارج الحدود، هدفنا هو التحكم والوصول إلى نقطة التأثير في عدونا بما نطلق عليه (زعزعة الاستقرار)، بهدف إنهاك وتآكل إرادة الدولة المستهدفة ببطء، وأن الهدف الحقيقي هو أن ترغم عدوك على تنفيذ إرادتك. وبوضوح في عبارة شريرة محكمة: تُخترق الدولة من خلال إقليم لا تتحكم فيه (إقليم غير محكوم) أو إقليم محكوم، لكن ليس دولة، بل من مجموعات غير تابعة للدولة، محاربة وعنيفة، وبهذا تخلق دولة فاشلة، ثم تستطيع أن تتدخل فيها، بل ويمكن، أن تذهب لأبعد من ذلك، أن تظل الدولة موجودة لكن يرعاها طرف أخر”.

وضمن هذا السياق من القوة الناعمة والاختراق وفي عز تخريب ثزورات الربيع العربي للدول العربية،  قامت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بالولايات المتحدة بتوزيع منشورات، تعلن من خلالها عن منح للطلاب الجامعيين “المهتمين بمحاربة التهديد الإرهابي للديمقراطية”، ويتم ذلك من خلال عقد حلقات دراسية وتدريبية، يتم تدريب الطلبة فيها على كيفية قيادة الاحتجاجات، والمشاركة في الأحداث التي تروج للديمقراطية، والحرية، وتوسيع المشاركة السياسية، والمطالبة بالتغيير والإصلاح، كما تسعى المؤسسة إلى جلب الخبراء والمسئولين إلى الجامعات لإلقاء المحاضرات التي تشجع الطالب على المطالبة بالتغيير والديمقراطية!!

وكانت أهم الأساليب التي اتبعتها الولايات المتحدة في تحريك الاحتجاجات، هو مساندتها لشريحة واسعة من الشباب العربي من خلال تدريبهم على مفاهيم الديمقراطية، بهدف استثمار هؤلاء الشباب الذين وجدوا في السياسة الأمريكية الناعمة ما فقدوه في الأنظمة المتحجرة في بلادهم والدفع بهم لتغييرها، حيث استغلت الولايات المتحدة الأمريكية شوق الشعوب العربية إلى الحرية، ورغبتها في التخلص من الفساد والدكتاتورية، والأوضاع السيئة التي تعيشها، لذلك شرعت بالعمل منذ عام 2008م مع عدد من المنظمات المدنية من أجل تنظيم الجهود الشعبية للمعارضة، وتم دعوة العديد من الناشطين إلى دورات تدريب، تحت مسميات حقوق الإنسان والتثقيف المدني للعمل السلمي وغيرها، “وهذا ما أكدته صحيفة “الديلي تلغراف” The Daily Telegraph وجود ثمة نماذج من أنظمة سياسية عربية كانت قد صاغتها هذه التوجهات وأدت إلى تفكيكها وهي (ليبيا ومصر)” .

 واعترفت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، في عهد الرئيس “باراك أوباما”، بالمؤامرة، لتعلن  في حفل تسليم جوائز المعهد الوطني الديمقراطي، الذي افتتح منذ 2010م فروعاً له في عدد من المدن العربية إن قادة المعهد كانوا يحولون الشتاء العربي إلى ربيع في الوقت الذي كانت الشوارع العربية هادئة وصامتة، وأضافت الربيع العربي ليس ثورتنا، ولكن كان لنا دور فيه، وتابعت تقول لقد أنذرنا الحكومات العربية قبل حدوث الربيع العربي في مؤتمر الدول الثماني G8 الذي عقد في الدوحة أواخر عام 2010 م، بأن أسس المنطقة تغرق في الرمال، وأنه لا بد من الإصلاح والديمقراطية، وتطرقت لمخاطر العملية، لا يمكننا تفويت فرصة الاستثمار في الديمقراطيات الناشئة في العالم العربي، رغم وجود مخاطر واحتمالات، لأن تحدث أمور صائبة أو خاطئة، والولايات المتحدة الأمريكية، لها مصلحة وطنية فعليه بتغيير الديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأن معادلة التطور، أو الاستقرار التي فرضتها الأنظمة الديكتاتورية، وقبلتها سابقاً الولايات المتحدة، تحولت اليوم إلى معادلة الإصلاح أو الاضطرابات. هنا تنبه واشنطن بوضوح للدور القطري السافر منذ عام 2010 في هذه الثورات المدمرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى